ثلاثة أسئلة لفيصل طهاري الأخصائي النفسي حول أفضل السبل لاستغلال العطلة الصيفية من طرف التلاميذ والطلبة
في هذا الحوار تستجلي وكالة المغرب العربي للأنباء مع الدكتور فيصل طهاري، أخصائي نفسي إكلينيكي ومعالج نفساني، السبل الفضلى في التعاطي مع هذا الزمن المتاح من السنة للاستمتاع وتجديد النفس لاستقبال موسم دراسي جديد.
1 – بانتهاء الموسم الدراسي، وحلول العطلة الصيفية ، يستمر بعض الآباء في البحث عن دعم أبنائهم دراسيا حتى في هذه الفترة حرصا على استدامة تفوقهم الدراسي أو بسبب تجربة الرسوب، هل هو خيار سليم ؟
الحقيقة أن مبدأ العطلة هو بشكل أساسي مبدأ للراحة والترفيه حتى نكون واضحين في هذه النقطة، العطلة مبدؤها الأساسي ليس هو المثابرة والاجتهاد فيها، مع العلم أننا نحاول أن نوجه أبناءنا إلى عدم التخلي بشكل كلي عن الدراسة والقراءة والمطالعة،لكن في نفس الوقت نحن كأخصائيين نفسانيين نعي جيدا بأن هذا التوقف وهذه العطل لها دورها الأساسي في إعادة الإنتاج وإعادة التحفيز و تجديد النفس للتوجه والعمل بشكل أفضل في السنة المقبلة .
على الآباء أن يفهموا أن العطلة ليس لها علاقة بمرحلة ما قبل العطلة، بمعنى أنه لن تكون جيدة وجميلة إذا كان الولد ناجحا وسيئة جدا في حالة تكراره للسنة فنحاول معاقبته وجعل عطلته فترة للدراسة والاجتهاد لتدارك ما فات ! طبعا الفشل في سنة دراسية لا يعني نهاية العالم ونهاية الحياة، إنما هي كبوة يمكن أن يتعرض لها أي إنسان، وبدل أن نقضي الوقت في لوم الطفل أو الشاب على ما فاته وما ضاع منه ، لابد من أن نتجه ونهتم بالتواصل معه، حتى يدرك أخطاءه وهفواته ليستطيع إصلاحها و يتعرف على مكامن الضعف ومكامن القوة لديه، وهذا أمر طيب يجعله يعرف بالفعل بأن هذا التوقف أو هذا الفشل يمكن أن يشكل انطلاقة جديدة وقوية له في السنة المقبلة، لكن هو الآخر يجب أن يستمتع بعطلته، يجب أن يتوقف عن دروس الدعم وأن يرتاح ويتمتع بالشاطئ والغابة وبالسفر .
نعلم أن العطلة تمتد في الأغلب من شهرين ونصف إلى 3 أشهر بالنسبة للأطفال والشباب خاصة الذين يدرسون في مراحل الابتدائي والثانوي التأهيلي، وهذا أمر يجعل العطلة طويلة ويتيح لهم فرصة الاستفادة منها بشكل كبير جدا. لذلك يجب التعاطي معها باعتدال وتنظيم الوقت ووضع برامج متنوعة .فلا نفرط في النوم والاكل والفراغ والسفر والتنقل أو نفرط في المقابل في الدراسة والاجتهاد.
ماهي توجيهاتكم لآباء التلاميذ أو الطلبة ” الراسبين” في السنة الدراسية المنصرمة ؟
التقرب والدعم الذي يمكن أن نقدمه للشاب الذي رسب المفروض أن يكون أقوى وأكثر مما يمكن أن نقدمه لنظيره الذي نجح، لأن الناجح لا يحتاج للكثير من الدعم عند المقارنة. وهنا لا أقصد الدعم الدراسي ولكن أتحدث بشكل أساسي عن الدعم النفسي المعنوي والتحفيز والمساعدة على التعرف على الأخطاء والتقييم والتقويم من أجل معرفة العمل الذي يتوجب القيام به، وكيف يمكن تجاوز الوضع الذي هو فيه لكي ينطلق انطلاقة جديدة، لابد أن نكون رؤوفين بالشاب الذي فشل في امتحاناته، نحاول أن نفهمه، حتى ولو كان فشله بسبب تقاعسه أو كسله، يمكن أن نوجهه بطريقة إيجابية، لأن مسألة التحفيز عن طريق النهر والسب والقذف والتنقيص والعقاب لا تجدي نفعا، فجل الدراسات التي أجريت بهذا الصدد أثبتت أن الشاب ليس بحاجة إلى ان نكون قاسين معه، لكن نحاول أن نساعده على تجاوز وضعه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يجب أن نهتم بشكل أكبر بالتواصل والحوار معه لنفهم حقيقة وضعه، لأن الآباء وأولياء الطفل يصدرون احيانا أحكاما دون فهم السبب الحقيقي لهذا الفشل والرسوب. هنا ننصح الآباء والأمهات بأن يستعينوا بمختص أو مستشار دراسي أو نفسي او حتى أخصائي نفسي بما يمكنهم من فهم ومساعدة هذا الشاب، فالأخصائي يمثل دور المحايد وسيساعد على فهم أسباب الرسوب ويمكن بالتالي تصحيحها وتعديلها بشكل أفضل .
ما هي الطريقة المثلى التي يمكن أن يستغل بها التلاميذ والطلبة عطلتهم الصيفية؟
الاستغلال الجيد للعطلة الصيفية يبدأ بأن نقسمها لمرحلتين، المرحلة الأولى زمنيا بتخصيص بداية العطلة أي شهري يونيو ويوليوز أو يونيو والنصف من شهر يوليوز، لتكون فترة راحة ، واستجمام وسفر، و برنامج خال مما هو دراسي ، بل هي فترة للترفيه والمتعة والترويح، ومشاهدة برامج مفيدة، ومرح وزيارات العائلة والأصدقاء ، خاصة عندما تصادف فترة الأعياد الدينية.
أما المرحة الثانية ، أي المرحلة الأخيرة قبيل بداية الموسم الدراسي، أي في شهر غشت، وهي مرحلة تتميز بقرب الموسم الدراسي، فيتم فيها وضع برنامج بسيط استعدادا للموسم الدراسي حتى لا يبدأ التلميذ أو الطالب السنة الدراسية وهو بعيد كل البعد عن البرنامج التعليمي المقرر، مما يتيح له الاطلاع والتذكر بحيث لا يتجاوز في ذلك ساعتين أو ساعة ونصف يوميا، بما يتيح له الاستئناس بالبرنامج السنوي المقبل، وأخذ فكرة أولية عنه، والاطلاع على جل محاوره الأساسية من أجل دخول الموسم الدراسي الجديد بنوع من الاستعداد. المهم ان يتم تحقيق التوازن في هذا دون إفراط في الاستمتاع والفراغ أو في الاجتهاد في التحصيل الدراسي الذي قد يخلق شعورا بامتداد السنة الدراسية وعدم الراحة وهذا يقود إلى بداية فاشلة للموسم الدراسي الجديد بما يشعر الطالب بالضياع والضغط والتعب الشديد بسبب عدم الراحة في العطلة الصيفية، وهذا يمكن أن يكون أحد الأخطاء الكبيرة جدا التي يمكن أن يسهم فيها الآباء أو الطلبة أنفسهم فيكون الطالب قاسيا على نفسه في العطلة الصيفية.
